قال تعالى
وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون (56)ما اريد منهم من رزق وما اريد ان يطعمون (57)ان الله هو الرزاق ذو القوه المتين(58)
سوره الذاريات
وقال تعالى فى الحديث القدسى ( يابن ادم تفرغ لعبادتى املآ صدرك غنى واسد فقرك وان لا تفعل ملات يديك شغلا ولم اسد فقرك)
ولذا قال الامام ابن القيم : فرغ خاطرك للهم بما امرت به ولا تشغله بما ضمن لك فان الرزق والاجل قرينان مضمونان فمادام الاجل باقيا كان الرزق اتيا واذا سد عليك بحكمته طريقا من طرقه فتح لك برحمته طريقا انفع لك منه
فتأمل حال الجنين ياتيه غذاؤه _ وهو الدم_ من طريق واحد وهو السره فلما خرج من بطن الام وانقطع ذلك الطريق فتح له طريقين اثنين واجرى له فيهما رزقا اطيب وألذ من الاول لبنا خالصا سائغا فأذا تمت مده الرضاعه وانقطع الطريقين بالفطام فتح طرقا اربع اكمل منهما طعامان وشرابان فالطعامان : الحيوان والنبات .
والشربان : المياه والالبان .
وما يضاف اليهما من المنافع والملاذ فأذا مات انقطعت منه هذه الطرق الاربع لكنه سبحانه فتح له ان كان سعيد طرق ثمانيه وهى ابواب الجنه الثمانيه يدخل من ايها شاء .
فهكذا الرب سبحانه لا يمنع عبده المؤمن شيئا من الدنيا الا ويؤتيه افضل منه وانفع له وليس ذلك لغير المؤمن .
والعبد لجهله بمصالح نفسه وجهله بكرم ربه وحكمته ولطفه لا يعرف التفاوت بين ما منع منه وبين ما ذخر له بل هو مولع بحب العاجل وان كان دنيئا وبقله الرغبه فى الاجل وان كان عليا فما منعه من الدنيا ولذتها ونعيمها اعظم من فضله عليه فيما اتاه من ذلك فما منعه الا ليعطيه ولا ابتلاه الا ليعافيه ولا امتحنه الا ليصافيه وما اماته الا ليحييه ولا اخرجه الى هذه الدار الا ليتأهب منها للقدوم عليه .